في يوم جاء تاجر غني إلى أبونا بيشوي كامل وقال له: "أنا بأشتغل في التجارة، وهي عملية مربحة لدرجة أن دخلي لا يقلّ عن 2000 جنيهًا في الشهر (وهو مبلغ كبير جدًا في ذلك الوقت).. ولكن لمّا حسبت العشور وجدتها 200 حنيه، وده طبعًا مبلغ كبير لا أستطيع دفعه".. فلم يلومه أبونا بيشوي أو يوعظه على هذا الكلام، بل قال له في حكمة: "طيّب إنت عاوز تدفع كام؟" فأجاب التاجر: "أنا عاوز أدفع أي حاجة وخلاص". قال له أبونا: "لا تدفع الـ200 جنيه مباشرةً للكنيسة، لكن أنا هديلك أسرتين فقيرتين لترعاهما.. تشوف احتياجاتهم البسيطة وتجيبها لهم، وده بس اللي عليك.. وشوف يكلّفوا كام يبقى هو ده عشورك!!"
فرح التاجر بذلك الكلام جدًا، وابتدأ يذهب إلى هاتين الأسرتين لرعايتهما.. وبعد فترة ليست طويلة، وبعد أن تعرّف التاجر على أفراد الأسرتين عن قُرب، تحنّن قلبه عليهم.. فأصبح الذي يدفعه في زياراته أكثر من 200 جنيه. فمثلاً في إحدى زياراته وجد فردًا من الأسرة مريضًا بالبيت، فذهب ليأتي له بالدواء الذي تعدّى 50 جنيهًا.. وكان هذا التاجر سعيدًا جدًا برعايته لهم.. ومن شدّة سعادته وتأثُّره طلب من أبونا أن يُعَرِّفه على أُسَر جديدة ليرعاها..
قد نظن أن السعادة في اقتناء المال والثراء، لكنها سعادة مزيّفَة سريعًا ما تزول ويحلّ محلها الهمّ والحزن.. السعادة الحقيقيّة في الشعور بالآخرين ومحاولةالتخفيف عنهم وإدخال الفرحة إلى قلوبهم بقدر الإمكان.. السعادة الحقيقيّة ليست في الأخذ بقدر ما هي في العطاء..
"مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ"